التعافي والتأهيل النفسي بعد الطلاق

التعافي والتأهيل النفسي بعد الطلاق

25 April 2021

بقلم: 

د. أحمد عمرو عبد الله

أستاذ علم النفس الإكلينيكي المساعد 

     قد يسعى الأزواج  إلى العلاج الزواجي لمساعدتهم على تحديد ما إذا كان ينبغي عليهم الانفصال عن شريك الحياة. قد يطلب البعض الآخر المشورة للمساعدة في التغيير من الحياة الزوجية إلى حياة العزوبية. يمكن أن يساعدك العلاج النفسي الفردي أو الزواجي في ذلك. ويساعد العلاج بشكل خاص على اكساب الأزواج المنفصلين مهارات التأقلم والتكيف التي تساعدهم على عيش حياة جديدة. بل في بعض الأحيان  تساعدهم قبل اتخاذ قرار الطلاق في الحصول على نظرة أكثر واقعية بشأن طلاقهم فقد يقدمون بعدها في هذا القرار أو يتراجعون عنه. فعندما تنتهي حياتك الزوجية يمكن أن يكون مؤلمًا لك أو لشريك حياتك بل والأطفال أنفسهم. لكنه في بعض الأحيان  يمكن أن يكون الطلاق متطلبًا على المستوى النفسي والصحي والمالي. وقد يكون قرار الطلاق قرار فردي، فقد يشعر الزوج بعد الطلاق بالذنب والخوف والقلق والحزن. لذا من المهم تأهيله نفسياً قبل الطلاق وبعده.

     وهنا سيتم إعادة بناءك حتى تعود مرة أخرى لحياتك الاجتماعية والمهنية أكثر قوة وصموداً. بغض النظر عن المرحلة التي تمر بها بعد الطلاق، من المهم تجنب اتخاذ أي قرارات جذرية لمدة عام على الأقل بعد الطلاق. لذا امنح نفسك بعض الوقت قبل اتخاذ أي قرار هام.  قم برصد احتياجاتك ومشاكلك المالية الأكثر أهمية. كم الديون المطلوب منك سدادها؟ ما هي أهدافك المالية على المدى القريب والبعيد؟ كيف تحصل على وظيفة جديدة توفر دخل مادي مناسب؟ من المهم مساعدة أطفالك على طول مسار التعافي من الطلاق على تقبل الحياة الجديدة واحترام علاقتهم بوالدهم وعدم تشويه صورته في أعينهم. في بعض الأحيان قد يفاجئك أطفالك بتقبلهم وتفهمهم لهذا القرار. في أوقات أخرى يكونون غاضبين جدًا أو منسحبين، فهذا يقلقك. عليك استيعاب أن مسار تعافي أطفالك بعد الطلاق قد يختلف عن مسار تعافيك، قد يكون لديهم احتياجات نفسية فردية تتطلب العناية بها حتى لو اختلفت مع احتياجاتك.

        سواء كان الطلاق مليئًا بالصراع أم لا ، نادرًا ما يكون الطلاق سهلاً. عندما تنهي حياة زوجية، قد تواجه صعوبة في المضي قدمًا في حياتك، قد تشعر بالرفض أو الغضب أو عدم السيطرة. وفي الوقت نفسه قد تشعر بالارتياح والأمل . ومن المحتمل أن تحزن على فقدان الآمال والأحلام التي كانت لديك في حياتك الزوجية السابقة وقد تظن أن حياتك توقفت عند هذه اللحظة. إنها حقاً لحظة محيرة للكثير فلا تستعجب. قد تشعر بالحرية والبهجة بشكل لا يصدق في لحظة ما، والوحدة والرعب في اللحظة التالية لها، والفراغ أو اليأس في اللحظة الأخرى. هذه هي طبيعة التقلب المزاجي لأي قرار مصيري لأي شخص، لكن من الضروري الاعتراف بأن كل هذه المشاعر طبيعية ومقبولة. نقدر أن التعافي من الطلاق يستغرق وقتًا. بينما لا أحد يعرف بالضبط كم الوقت المستغرق في ذلك (أوضح بعض الباحثين أنها تستغرق 17 شهرًا ، بينما أوضح آخرون على أنها تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات). لكن مع الاستشارات النفسية والزوجية والدعم الاجتماعي من الآخرين قد يسرع هذه الفترة للغاية، لذلك لا تعزل نفسك عن الآخرين . قد يكون هذا الوقت غير مناسب لاتخاذ قرارات بمفردك. والقرارات التي يجب اتخاذها كبيرة جدًا ومهمة جدًا، لذا يجب عليك الاستعانة بأشخاص ماهرين في مساعدتك.

    وحتى تكون  قادر على التكيف مع الحياة الاجتماعية القادمة بل والنمو والازدهار فيها أيضاً عليك أن تتقبل هذه الفترة وأن تأخذ وقتك لتخرج من هذه المشاعر. بل عليك التحدث عنها خاصة مع معالجك الذي قد يساعدك على إدارة حياتك القادمة. من الضروري أيضاً أن تتعلم استراتيجيات التنظيم الانفعالي التي تساعدك على تعلم كيفية التعامل مع المشاعر والانفعالات الشديدة وضبطها، والتهدئة الذاتية.  من المهم أيضاً التعاون مع شريكك السابق على الأقل في قضية واحدة ألا وهي مصلحة الأبناء. بالنسبة للوالدين المطلقين  عليهم قبل اتخاذ قرار الطلاق الاتفاق على التركيز على مصلحة الأطفال وتعليمهم والعناية النفسية والمادية لهم. وعليك ألا تتسرع في بدأ علاقة جديدة. كثير من الأزواج الذين يمرون بخبرة الطلاق ينتقلون بسرعة كبيرة إلى علاقة جديدة لأنهم يخشون أن يكونوا بمفردهم أو لا يقعون في الحب مرة أخرى. من المهم تنمية مهارات تحمل المسؤولية الشخصية لديك وتقبل حياتك الجديدة. وقد تقع في فخ محاولات يائسة للتصالح مع طليقتك أو التوسل للصلح، قد تجعلك محبط تجاه هذه العلاقة أو رجوعها مرة أخرى، أو بدء علاقة جديدة. كن متفائلا أرسم طموحات جديدة يكون أطفالك جزء منها  نحو بناء حياة جديدة تستحق أن تعاش.