حيّرتني المراهقة

بقلم

د أحمد صابر الشركسي

معالج أسري

يعيش الإنسان مراحل مختلفة أثناء رحلة العمر، وتختلف كل مرحلة عن الأخرى من حيث طبيعتها والتغيرات التي تحدث فيها، ومن أكثر هذه المراحل تقلبا -نتيجة كثرة التغيرات التي نمر بها- هي مرحلة المراهقة، وهي المرحلة التي تتوسط مرحلتي الطفولة والرشد، حيث يشعر فيها كثير من الأفراد بعدم الاستقرار الانفعالي نتيجة للتغيرات الفسيولوجية التي تؤثر بلا شك على كل جوانب النمو لدى المراهق.

   ولذلك عندما يسأل أحد الأفراد كيف أتعامل مع المراهق أقول له وماذا تعرف عن المراهق، فمن المهم أن ندرك كل ما يتعلق به من تغيرات وحاجات ومشكلات حتى نستطيع تكوين تصور عن الطريقة المثلى للتعامل معه، وينبغي أن نطرح على أنفسنا عدة أسئلة فيما يتعلق بتربية المراهق والتعامل معه، ومنها على سبيل المثال: هل نربي أبناءنا لنا وللآخرين أم نربيهم من أجل أنفسهم؟، وهل نربيهم من أجل الدنيا أم من أجل الدنيا والآخرة؟ ، وهل هي تربية موقف أم هي تربية جوهر؟ ولذلك ينبغي علينا أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا بشأن التربية، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، ….( إلى آخر الحديث، والله عز وجل استخلفنا في أبنائنا وسيحاسبنا على تقصيرنا في حقهم، فهم ثروتنا الحقيقية، وبذلك فعلينا إدراك معنى التربية الحقيقي.

وللمراهق جملة من الحاجات النفسية يتوجب على من حوله مساعدته في إشباعها ومنها على سبيل المثال : الحاجة إلى الحب، والحاجة إلى التقدير والاحترام، والحاجة إلى الاستقلال، فإذا استطعت أن أدرك كل هذه الحاجات وأساعده على إشباعها، كما أدرك بقية التغيرات الأخرى مثل التقلبات الانفعالية، والحساسية الشديدة تجاه أيِّ نقدٍ، والغضب والغيرة، ومقاومة السلطة الوالدية، والتغيرات الجسمية والجنسية، سأدرك أنه ينبغي علي اختيار أنسب الوسائل في التعامل مع المراهق لأنه يمر بمرحلة من عدم الاستقرار والاتزان، وساعتها سيشعر المراهق أن من حوله يفهمون طبيعته جيدًا، ونتيجة لذلك تخف حدة المشكلات التي من الممكن أن يقع فيها، وتمر هذه المرحلة بسلام دون حدوث كثير من الصراعات التي قد تحدث بينه وبين الوالدين نتيجة سوء الفهم